للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: لما رأى في يد رجل خاتمًا من ذهب أخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزعه من يده ثم رمى به ولم يتكلم معه، ولما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له: خذ خاتمك، قال: والله لا آخذ خاتمًا رمى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)؛ لأن هذا الرجل ليس له عذر، فلكل مقام مقال.

ومن الشروط أيضًا: أن لا يتحول المنكر إلى ما هو أنكر منه، فإن تحول إلى ما هو أنكر منه وجب الكف عن النهي؛ لأنك إذا نهيت وأنت تعلم أنه سيتحول إلى ما هو أَنْكَر، فمعنى ذلك أنك دَعَوْتَ إلى فعلٍ زائد عن المنكر الأول، والزائد عن المنكر الأول منكر، يؤخذ هذا من قول الله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨]، فترك سب آلهة المشركين منكر؛ والواجب سب هذه الآلهة والتحذير منها والتنفير عنها، لكن إذا لزم منه ما هو أشد نُكْرًا وجب الكف، لقوله: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ}.

فلو رأينا شخصًا يشرب الدخان أمامنا، لكن نعلم أننا لو نهيناه عن شرب الدخان لذهب يسرق أموال الناس، ويؤذي الناس ويضايقهم، فهل ننكر عليه شرب الدخان أو لا؟ لا ننكر، وكذلك لو غلب على ظننا أننا لو نهيناه عن الدخان لذهب إلى رفقة يشربون الخمر، فإننا لا ننهاه دفعًا لأعلى المفسدتين بأدناهما.

هذه ثلاثة شروط، واختلف العلماء في الشرط الرابع: وهو


(١) رواه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم خاتم الذهب على الرجال ... ، حديث رقم (٢٠٩٠) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>