رهبانية لم تفرض عليهم، قال الله تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}[الحديد: ٢٧] يعني ما فرضناها عليهم، لكن هم يبتغون رضوان الله، يريدون بذلك رضوان الله وهي غير مكتوبة عليهم.
نظيرهم عندنا في الملة الإسلامية الصوفية، عندهم رهبانية ابتدعوها ما فرضها الله عليهم، لكن هم يبتغون بذلك رضوان الله، ولو رجعوا إلى أنفسهم لعلموا أن رضوان الله إنما يكون في الاتباع لا في الابتداع.
السبب الثاني:{وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} ليس عندهم استكبار، لكن المشركون عندهم استكبار، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١)} [الفرقان: ٤١]، والهمزة هنا للاستفهام الاحتقاري، ويقولون: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١)} [الزخرف: ٣١]، واللهِ هم يعلمون أن أعظم من في القريتين ومن في الأرض كلها هو محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -، لكنَّه العناد والاستكبار، ولما جمعهم ودعاهم إلى الله، قال أبو لهب: تبًا لك ألهذا جمعتنا، أما اليهود فحدِّث ولا حرج في الاستكبار، حتى قالوا لنبيهم:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}[المائدة: ٢٤]، قاعدون على الكراسي .. على الأرض .. على الفرش، وأنتم اذهبوا إلى القتال، أفبعد هذا الاستكبار شيء؟
الجواب: لا، فهم مستكبرون، وإذا كان هذا قولهم لنبيهم، فما بالك بنبي بعث من العرب.
السبب الثالث: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ