للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} نقل المؤرخون والمفسرون أيضًا أن الذين هاجروا إلى الحبشة، لما قرؤوا القرآن على النجاشي ومن حوله جعلوا يبكون، {تفيض أعينهم من الدمع}، يعني: تمتلئ، من قولهم: فاض الإناء إذا امتلأ وخرج الماء من حافتيه، أعينهم قامت ترقرق بالدمع وتفيض مما عرفوا من الحق، وقالوا: هذا الذي نزل على عيسى، فعرفوا أن هذا هو الحق، كما قال ورقة بن نوفل للرسول عليه والصلاة والسلام حين أخبره بما نزل عليه من الحق، قال: هذا هو الناموس الذي نزل على موسى (١)، فهم عرفوا الحق وبكوا.

السبب الرابع: أنه ليس عندهم استكبار، مسلمون للحق من حين أن عرفوه، والمراد هنا الجنس، يعني: عموم النصارى ليس فيهم استكبار، فالمشركون واليهود قد يكون عند بعضهم أعظم من استكبار اليهود والمشركين.

السبب الخامس: يقولون: {رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}، إقرار بالربوبية في قولهم: {رَبَّنَا}، وبدين الله في قولهم: {آمَنَّا} , {فَاكْتُبْنَا}: الفاء هذه للسببية، أي: فبسبب إقرارنا بالرب عزّ وجل وإيماننا به اكتبنا مع الشاهدين، والذي يسأل الله أن يكتبه مع الشاهدين، هل يمكن أن يستكبر عن دين الشاهدين؟ لا يمكن، هم يسألون هذا، الشاهدون من هم؟

قال العلماء: الشاهدون هم محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - وأمته، الحمد لله؛


(١) رواه البخاري، كتاب التعبير، باب أول ما بديء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة، حديث رقم (٦٥٨١)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (١٦٠) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>