للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن الله يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣] يعني: عدلًا خيارًا، فلا أحد من الأمم أعدل من هذه الأمة، اللهم اجعلنا منهم، قال تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣]، نحن نشهد على الناس، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يشهد علينا أنه بلغنا وأننا أقررنا بتبليغه، إذًا قوله: {مَعَ الشَّاهِدِينَ}: يعني مع محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، وكانوا شهداء؛ لأنهم هم آخر الأمم، كل الأمم ماضية وسابقة يعرفونها، لكن هل الأمة الأولى تشهد على من بعدها؟

الجواب: لا، لا تشهد، ولذلك لو سئلنا: مَنْ الأمة الشاهدة؟ لقلنا: أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها آخر الأمم، تعرف ما جرى على الأمم وتشهد به.

قوله: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤)}، هذا الحديث {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ} يحتمل أنه حديث نفس، بمعنى أن الواحد منهم يقول: كيف لا أؤمن والحق واضح، ويحتمل أنه دفع للوم وُجِّهَ إليهم، يعني قيل لهم: لماذا تؤمنون بمحمد؟ فقالوا: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ}، هل يمكن أن يكون لهذا وهذا؟ يمكن أن يكون بعضهم يصارع نفسه ونفسه تقول له وتحدثه: لماذا تؤمن، فيقول: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} عندما يفكرون يرون أنهم لا بد أن يؤمنوا لأن الحق واضح، ويحتمل أنهم إذا ألقى إليهم أحدٌ لومًا، وقال: كيف تؤمنون، يقولون: {وَمَا لَنَا}، يعني أي شيء يصدنا، وأي شيء يمنعنا ألا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق، وهذا يدل على كمال عقلهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>