وقوله:{ونَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ}، سبحان الله تعبير المؤمن، بقوله:{وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} والحكمة من التعبير بقوله {نطمع} لأن الإنسان لا يجزم، قال الله عزّ وجل:{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}[السجدة: ١٦] بل الإنسان إذا جزم لنفسه بأنه من أهل الجنة فهذا غلط عظيم، لكن يرجو ويطمع؛ لأنه لو جزم بأنه من أهل الجنة لكان يلزم من هذا أنه زكَّى نفسه وشهد لها بالجنة، وهذا خطير جدًّا على الإنسان؛ لأن ذلك معناه أنه وثق بأن عمله مقبول وأنه ليس عنده خطأ يمنعه من دخول الجنة، والقوم الصالحون يشمل من كان صالحًا من هذه الأمة ومن كان صالحًا من غيرها، في الأول قالوا:{فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} أي: من هذه الأمة سألوا الله أن يكتبهم الله مع الشاهدين، في الثاني طمعوا أن يدخلهم الله في القوم الصالحين، وهو الطمع بدخول الجنة؛ لأن الجنة دارٌ لهذه الأمة وللصالحين من غيرها، فلذلك قالوا:{وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} , والفرق بين التعبيرين واضح.
لو قال قائل: قال الله تعالى حاكيًا عن هؤلاء النصارى: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} فكيف نجمع بين هذا وبين كون القرآن معجز يعجز البشر أن يأتوا بمثله، وهؤلاء القوم قد تكلموا بهذا؟
الجواب: هم لم يقولوا بهذا اللفظ، فالقرآن يحكي أقوال الآخرين بالمعنى، ولذلك انظر إلى قول السحرة: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)} [الأعراف: ١٢١، ١٢٢]، وفي سورة طه:{قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}[طه: ٧٠]، والقول