للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأربعة مختلفة في الحكم؟ فيقال: في الثلاثة رجسٌ عملي، ويقال في الأول: رجس حسي، أين الدليل؟ يحتاج إلى دليل.

فإن قال قائل: دلالة الاقتران ضعيفة ولا يعمل بها؟

الجواب: أن الأصل في الاقتران أن يكون الحكم واحدًا في الجميع إلا بدليل، مثال ذلك: قال أبو حنيفة: إن الخيل حرام، الخيل معروفة لقوله تعالى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨]، فقرنها بالبغال والحمير فتكون حرامًا، ولا شك أن الصواب معه؛ لأن الأصل في الاقتران التوافق في الحكم، لكن الخيل لها دليل يخرجها، وهو ما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: "نحرنا في المدينة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا وكلناها" (١)، وهذا يخرج الخيل عن حكم البغال والحمير.

وأكل الخيل عند الناس الآن غير معروف، والعامة يقولون في الخيل: يحرم صدرها ويحل دبرها، يعني مستقبل جسم الفرس حرام؛ لأنه يلقى به العدو، وأما مؤخره فهو حلال؛ لأن المؤخر يكون عند الإدبار، فلنتركه يؤكل.

الحاصل أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تحدثت بهذا استدلالًا على حل الخيل، فلولا أن عندها علم بأن الخيل أكلت بعد خيبر وهو زمن تحريم الحُمُر ما ذكرته على وجه الاستدلال.


(١) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب النحر والذبح، حديث رقم (٥١٩١)، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب في أكل لحوم الخيل، حديث رقم (١٩٤٢) عن أسماء بنت أبي بكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>