للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا في الآية الكريمة {الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} ليس عندنا دليل يخرج الخمر عن حكم ما قرن معها، وهو الميسر والأنصاب والأزلام، وعلى هذا فلا دلالة في الآية على نجاسة الخمر نجاسة حسية.

فإن قال قائل: وهل في السنة ما يدل على ذلك؟

الجواب: لا، ليس في السنة ما يدل على هذا، وأما حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: يا رسول الله إنا بأرض قومِ أهل كتاب أفناكل في آنيتهم؟ قال: "لا تأكلوا فيها، إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها" (١) ما الجواب عن هذا الحديث؟

نقول: هذا الحديث استدل به من يرى نجاسة الخمر نجاسة حسية، ولكن لا دليل فيه في الواقع؛ لأن في هذا الحديث إنما نهاهم الرسول عليه الصلاة والسلام عن الأكل فيها إلا بعد الغسل، وشرط آخر: أن لا نجد غيرها، مراده بلا شك في هذا الابتعاد عن مخالطتهم والأكل في أوأنيهم، بدليل أنه لو كانت العلة في النجاسة لكان غسلها يكفي في جواز الأكل فيها، يعني أنه لا يشترط أن لا نجد غيرها، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد منا أن لا نختلط بأهل الكتاب وأن نبتعد عنهم وأن لا نستعير منهم؛ لئلا يمنوا علينا بذلك، هذا أولًا.

ثانيًا: أن نقول: ما هو وجه كون هذا دليلًا على نجاسة


(١) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب صيد القوس، حديث رقم (٥١٦١)، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة، حديث رقم (١٩٣٠) عن أبي ثعلبة الخشني.

<<  <  ج: ص:  >  >>