للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر؟ قالوا: لأن آنيتهم يكون فيها الخمر؛ لأنهم يستحلون الخمر، فنقول: ويكون فيها الخنزير؛ لأنهم يستحلون الخنزير، وما الذي أدرانا أن الرسول عليه الصلاة والسلام راعى الخمر دون الخنزير أو راعى الخنزير دون الخمر أو راعى الأمرين جميعًا؟ والذي يتبين لنا أن العلة في ذلك هي: أن لا نختلط بهم وأن لا نأكل في آنيتهم، إذًا: لا دليل في هذا الحديث.

فإن قال قائل: أليس النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الخمر تتخذ خلًّا؟ قال: "لا" (١) يعني إذا تخمر الشراب فهل يجوز أن نحبسه ليكون خلًّا أو أن نضيف إليه مادة تجعله خلًّا؟ قال: لا، قلنا: لا دليل على النجاسة، هذا دليل على أنه لا يجوز أن يبقي الخمر عنده بل يريقها، لئلا تدعوه نفسه إلى تناولها، وهو واضح، وليس فيه الإشارة إلى النجاسة بأي حال من الأحوال.

إذًا: من ادعى نجاسة الخمر نجاسة حسية فليأتِ بالدليل، وإلا فلا يمكن أن نلزم عباد الله بغسل الأواني من الخمر أو بغسل الثياب إذا أصابها أو بغسل الأبدان، ولا يمكن أيضًا أن نبطل صلاة عباد الله إذا كان في ثيابهم بقع من الخمر أو في أجسادهم إلا بدليل، فالمسألة ليست مسألة لفظية فقط: نجس أو غير نجس، المسألة يترتب عليها أشياء فلا بد أن يكون عندنا برهان من الله عزّ وجل، يمكننا أن نلزم عباد الله بشيء يقتضيه النص.

إذًا: نقول: الأصل عدم النجاسة، ومطلق التحريم لا


(١) رواه مسلم، كتاب الأشربة، باب تحريم تخليل الخمر، حديث رقم (١٩٨٣) عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>