للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضي النجاسة، بدليل: أن السم والمأكولات الضارة حرام وليست نجسة، هذا دليل مأخوذ من القاعدة المعروفة وهي: أن الأصل براءة الذمة، ثم نقول: لدينا دليل إيجابي غير الدليل الأصلي الذي هو النفي أو العدم، دليل إيجابي على أنها طاهرة -أي: الخمر- وأن نجاستها معنوية، الدليل: الصحابة رضي الله عنهم لما حرمت الخمر خرجوا بها إلى الأسواق وأراقوها، ولو كانت نجسة لم يريقوها في الأسواق؛ لأنه لا يجوز أن نريق في أسواق المسلمين شيئًا نجسًا كما لا يجوز البول والغائط.

أجاب القائلون بالنجاسة بناءً على أصلهم وإلا فالأصل عدم النجاسة، لكن قالوا: دِنان الخمر -يعني أواني الخمر- ليست بكثرة بحيث تسيل منها الطرقات، يعني: لم تبلغ كثرة تسيل منها الطرقات، فنقول: سبحان الله! هل هذه الأواني التي يستعملها الصحابة رضي الله عنهم قبل التحريم أهي أكثر أو نقطة من بول؟ هي أكثر لا شك، وهي أكثر من شيء صغير من العذرة، ونحن لا نقول: إن سكك المدينة صارت أنهارًا تجري منها الخمر، لا نقول بهذا، لو قالوا: ما الذي أدراكم أنهم أراقوها في الأسواق، لعلهم أراقوها في حافات السوق الذي ليس مُطَّرقًا للناس؟ فنقول: هذا خلاف الإطلاق، أراقوها في الأسواق، ولم يقل: أراقوها في جوانب الأسواق، وكون الشيء في الجانب شرط زائد على الإطلاق فيحتاج إلى ثبوت أنهم أراقوها في جوانب الأسواق، ثم هل نُقِلَ عن الصحابة أنهم لما أراقوها غسلوا الأواني؟ لم ينقل ذلك ولو كانت نجسة لغسلوا الأواني ونقلوا هذا للأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>