للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطعام للمساكين، وقيل: إنه يقوّم المثل ويشترى بقيمته طعامٌ يطعم المساكين، لكن أيهما أحظ للفقراء؟ يختلف، أحيانًا يقوّم المثل، فيكون المثل أغلى، وأحيانًا يكون الصيد أغلى، النعامة مثلًا كم تساوي؟ أحيانًا ترتفع قيمتها حتى تكون قيمتها أكثر من قيمة البدنة عشر مرات، وأحيانًا تكون رخيصة وقيمة البدنة أكثر منها.

فالعلماء رحمهم الله منهم من جنح إلى أن الذي يقوّم الصيد، ومنهم من قال: بل الذي يقوّم المثل، ولو ذهب ذاهب وقال: إنه يُنظر الأحظ للمساكين، فإن كان الأحظ تقويم المثل قوّمناه، وإن كان الأحظ تقويم الصيد قوَّمناه، لو ذهب ذاهب هذا المذهب لكان مذهبًا جيدًا، قياسًا على قيمة عروض التجارة في الزكاة تقوّم بالدراهم أو بالدنانير؟ إذا كانت تبلغ النصاب بالذهب ولا تبلغه بالفضة، أو بالعكس بماذا نقومها؟ بالأحظ للفقراء، إن كان الأحظ أن تقوّم بالدنانير قومناها بالدنانير، وإن كان الأحظ أن تقوّم بالدراهم قومناها بالدراهم.

فلو قيل في هذه المسألة: إنه ينظر إلى الأحظ للمساكين؛ لأن الطعام طعامهم، فما كان أحظ عمل به، لكان له وجه، ولكن هذا الوجه يقابله وجه آخر وهو أن الأصل براءة الذمة، فلا نكلف القاتل أكثر مما يجب عليه، وعلى هذا التقدير يُنظر للأقل، إن كان تقويم الصيد أقل أخذ به، وإن كان تقويم المثل أقل أخذ به، فالآية عندي محتملة، والإنسان نرجو إذا أخذ بهذا لا يأثم وبهذا لا يأثم.

تقدم في قواعد التفسير:

<<  <  ج: ص:  >  >>