للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأصل أن جميع آيات السور المكية مكية، وأن آيات السور المدنية مدنية، إلا أن يكون هناك دليل صريح فحينئذٍ نوافق عليه، ثم إن الغالب في الآيات المكية التحدث عن التوحيد وعن البعث؛ لأن المقام يقتضيه، فقد نزل بين قوم ينكرون التوحيد وينكرون البعث، ولهذا نجد في الآيات المكية أكثر ما يكون التحدث عن التوحيد، لكن في الآيات المدنية أكثر ما يكون في فروع الدين والمعاملات وما أشبه ذلك؛ لأن الناس قد ثبت ورسخ في قلوبهم التوحيد والإيمان بالبعث، وبقية شرائع الإسلام الأخرى، فنجد السور المدنية تتحدث عن هذا.

هناك أيضًا أمر آخر وهو: أننا نجد أن قصة موسى عليه الصلاة والسلام تكررت كثيرًا في القرآن أكثر من غيرها، على وجه الاختصار أحيانًا وعلى وجه البسط أحيانًا؛ وذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام عَلِمَ الله عزّ وجل أنه سوف يرتحل إلى المدينة، والمدينة فيها أُناس من اليهود، واليهود أهل كبر وغطرسة، فكان من الحكمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم عن قصة موسى جملة وتفصيلًا بسطًا واختصارًا، حتى يكون على أهبة الاستعداد لما سيواجه من هؤلاء اليهود، وحتى يكون ما ذكر في القرآن الكريم مطابقًا تمامًا لما جاء في صحيح التوراة، فيشهد علماء بني إسرائيل على أن القرآن حق، كما قال عزّ وجل: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٩٧)} [الشعراء: ١٩٧].

أيضًا: جميع الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم كلهم من الجزيرة وما حولها؛ لأن هذا هو الذي يعرفه العرب ويتداولونه، أما ما في المناطق والقارات الأخرى فإنه لم يأتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>