عنهم ذكر على وجه التفصيل، لكننّا نعلم أن الله قد بعث إليهم رسولًا، كما قال عزّ وجل:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر: ٢٤]، لكن الله لم يقصهم علينا؛ لأنه قصّ علينا ما كان الناس يعرفونه ويتداولونه، حتى يميز الصحيح من غير الصحيح، وحتى تكون الأخبار المتداولة مؤيدة لما في القرآن، والقرآن مؤيد لها.
أيضًا: بالنسبة لما يهمنا من العلم بالمكي والمدني، هو أن نعرف أن البلاغة تقتضي مخاطبة الناس بما تقتضيه أحوالهم، ففي المكي نجد الآيات شديدة قوية؛ لأنها تصادم أناسًا أشداء أقوياء بلغاء فصحاء، ونجد الآيات المدنية في غالبها سهلة لينة؛ لأنها تخاطب أناسًا قد رسخ في قلوبهم الإيمان ولا يحتاجون إلى شدة، وهذا ظاهر، اقرأ سورة القمر تجد كيف كانت آياتها عظيمة تزلزل القلب في الواقع لمن تاملها جيدًا؛ لأنها تتحدث بين قوم عتاة مستكبرين، فكانت الآيات مناسبة تمامًا لمقتضى الحال، وهذا هو غاية البلاغة.
أما هل تنسخ الآيات المكية بالآيات المدنية؟ نعم قد تنسخ؛ وقد قررنا أن المدني ما نزل بعد الهجرة، إذا كان فيه حكم مخالف لما في الآيات المكية ولم يمكن الجمع، قلنا: إن السور المدنية ناسخة للسور المكية، والله أعلم.
لكن بماذا تكون المماثلة هل هي بالحجم أو بالشبه أو بماذا؟
المماثلة تكون بالشبه ولكن لا تلزم المطابقة، حتى إن العلماء قالوا رحمهم الله بل الصحابة رضي الله عنهم قالوا: إن الحمامة فيها شاة، لكن في أي شيء تشبه الحمامة الشاة وكيف