بالضرب ويجوز بالحبس ويجوز بعزله عن وظيفته، ويجوز بتخجيله بين الناس؛ لأن المقصود هو تأديبه، لكن لا يجوز التعزير بقطع عضو من أعضائه، هذا حرام لا يجوز؛ لأن قطع العضو لا يستخلف وهو جناية على النفس واضحة.
الفائدة الثامنة عشرة: أن من فعل محظورًا قبل العلم بالشرع فإنه لا إثم عليه ولا كفارة ولا جزاء، هل يمكن أن نأخذ هذه الفائدة من الآية أو لا يمكن؟ ننظر، قال تعالى:{عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}، "ما سلف" فَعَلَهُ الصحابة قبل نزول حكمه، فهو أصلًا لم يحرم، وأما إذا كان الإنسان جاهلًا فقد فعلة بعد نزول حكمه ويكون هذا المانع من العلم خاصًّا به، فبينهما فرق، يعني: هناك فرق بين شخص فعل محظورًا لم يحرم، وشخص آخر فعل محظورًا قد حرم ولكنه جاهل، فالصورتان لا شك أنهما مفترقتان، لكن يقال: لماذا عفا الله عنه؟ للجهل لا شك؛ لأن الحكم لم ينزل.
فالصواب: أن جميع الشرائع لا تلزم مع الجهل، لكن ربما يكون الإنسان قد فرط وقصر في الطلب، بمعنى أنه قيل له: إن هذا واجب أو إن هذا حرام وقصر في طلب الحق، وصار كما يقول العوام الذين يستدلون بالقرآن إذا كان موافقًا لهواهم:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة: ١٠١]، وهذا تنزيل للقرآن في غير محله، فالصحيح على كل حال أن الجاهل معذور لا يأثم، ولا تلزمه كفارة ولا غير ذلك.