الثاني: للتنويع، يعني أو آخران من غيركم، إن لم يوجد ذوا عدل منكم.
قوله:{إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} أي: سافرتم، {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} وهي كقوله: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}، يعني أيقنتم أنكم ميتون لكون المرض مرضًا مخوفًا لا يرجى برؤه.
قوله:{تَحْبِسُونَهُمَا} هذا كالتفصيل لقوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} عند أداء الشهادة أي: {تَحْبِسُونَهُمَا} أي: الآخران من غيرنا، والمراد بالحبس: الإيقاف، توقفونهما {مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} أي: من بعد صلاة العصر؛ لأن صلاة العصر: هي أفضل الصلوات، وهي الصلاة الوسطى، وآخر النهار أقرب في إجابة الدعاء من أول النهار، لا سيما إذا كان ذلك في يوم الجمعة، {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} أي: صلاة العصر.
فإذا قال قائل: لماذا جعلتم "أل": للعهد الذهني، ولم تجعلوها للجنس فتقولوا:{مِنْ بَعْدِ الصَّلَاة} أي: أيُّ صلاة؟ قلنا: لأن النبي عليه الصلاة والسلام حبس الرجلين الشاهدين من بعد صلاة العصر، فتكون السنة هي التي عينت هذه الصلاة.
قوله:{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} أي: يحلفان به، {إِنِ ارْتَبْتُمْ} يعني شككتم في شهادتهما، {لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا} أي: لا نشتري بهذا اليمين ثمنًا {وَلَوْ كَانَ} المشهود له {ذَا قُرْبَى} أي: صاحب قرابة.
وحاصل هذا القسم أنهما يقسمان: بأننا على حق وشهادتنا حق، ولا يمكن أن نشهد بباطل؛ لأجل شيءٍ من الدنيا، {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} معطوفة على قوله: {فَيُقْسِمَانِ} أي: ونحن لا