للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا عدلين، أما عند أداء الشهادة فالضرورات لها أحكام، فإذا لم نجد من يشهد إلا هذين الفاسقين، لكنهما في الأمانة موثوقان، فإننا نقبل شهادتهما، وهذا الأخير هو الصواب، أن العدالة شرط مع الإمكان، وأما إذا لم يمكن فإنه تقبل شهادة الفاسق بشرط، أن يكون ثقةً، وكم من إنسانٍ يكون فاسقًا في عبادته لكنه أمين في شهادته، ونعلم أننا لو اتبعنا اشتراط العدالة في أداء الشهادة معتبرين الشروط التي ذكرها الفقهاء في العدالة، أن كثيرًا من الحقوق سوف تضيع؛ لأن كثيرًا من الناس ليسوا على الاستقامة التي ذكرها الفقهاء رحمهم الله.

الفائدة الخامسة: جواز شهادة الكافر إذا عُدِمَ المسلم، لقوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} وهل يختص هذا بالكتابيين أم بكل كافر؟ ظاهر الآية بكل كافر، لقوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} سواء كان يهوديًّا أو نصرانيًّا أو بوذيًّا أو شيوعيًّا أيًّا كان، لقوله: {مِنْ غَيْرِكُمْ}، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء على أقوال:

القول الأول: أن شهادة الكافر لا تقبل مطلقًا، وأجابوا عن هذه الآية بأنها منسوخة؛ لأن الله تعالى اشترط العدالة في الشهود، والكافر ليس بعدل.

والقول الثاني: أن شهادة الكافر جائزة بشرط أن يكون كتابيًّا وأن يكون عند الضرورة، فاشترط شرطين: الأول: الضرورة بأن لا يوجد مسلم، والثاني: أن يكون الشاهدان كتابيين، وهؤلاء احتجوا لاشتراط الضرورة بقوله تعالى: {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} إلى آخره، وقيدوا ذلك بالكِتَابِييِنْ؛ لأن القضية التي وردت فيها الآية كان الشاهدان من أهل الكتاب، وقالوا في

<<  <  ج: ص:  >  >>