للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسكين يريد أن يشق الولد نصفين، ويعطي الكبرى نصفه والصغرى نصفه، الكبرى وافقت على هذا؛ لأنها ليس في قلبها رحمة له، وولدها قد مات، قد أكله الذئب فليكن هذا تبعًا له، الصغرى قال: يا نبي الله هو لها، فلشفقتها ورحمتها تنازلت، عن دعواها, وليس معنى قولها: "هو لها" أنه عبد لها, لا، هو لها: يعني أنها قد تنازلت عن الدعوى، فقضى به سليمان عليه الصلاة والسلام للصغرى (١).

المهم إذا ارتاب القاضي في شهادة الشهود فلا بأس أن يوري في الحكم من أجل استظهار الحق.

الفائدة الثانية عشرة: أن يكون صفة الإقسام على هذا: {لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ}، فهل يكتفى بالمعنى أو لا بد من هذا اللفظ بعينه؟ الصواب أنه يكفى المعنى؟ لأن هذا اللفظ لا يتعبد به حتى نقول: لا يمكن أن يغير، بل عبر الله عزّ وجل عن المعنى بهذا اللفظ، إذًا: فالمرجع إلى المعنى.

الفائدة الثالثة عشرة: الإشارة إلى أن للقرابة تأثيرًا في الميل والعاطفة، لقولهما: {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} وهذا شيء فطري معروف، وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى هذا في قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: ١١٣] , وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: ١٣٥].


(١) تقدم في (١/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>