وأية سقطة كانت يا بني وطني؟ … حينئذ سقَطتُ أنا، وسقطتم أنتم، وسقطنا جميعًا … بينما تشامخت الخيانة السفاكة علينا ...... ذلك أني لا أملك من البديهة، ولا من الألفاظ، ولا من القيمة أو العمل، … ولا من الذلاقة، ولا من قوة الخطاب، ما أهيج به دماء الناس، … وإنما أنا أتكلم على رِسلي، فأخبركم بما تعرفونه أنفسكم، … وأريكم جراحَ قيصر الحنون، تلك الأفواه الخرساء المسكينة، … وأسألها أن تتكلم نيابةً عني، غير أني لو كنت بروتس وكان بروتس أنطونيو، … لكان ثمة أنطونيو يضرم في نفوسكم نارًا، ويصنع لسانًا … في كل جرح من جراح قيصر، خليقًا بأن يحرك … حجارةَ روما لكي تهب وتثور.
ويختتم أنطونيو خطبتَه بتذكير الجمهور بمصالحهم الشخصية، فيتم له استهواءُ العامة واختلابهم وتحريكهم حيث شاء:
ها هي ذي وصية قيصر … إنه يَهَبُ كلَّ مواطن روماني، … كل رجل بمفرده، خمسة وسبعين دراخما ...... عدا هذا، ترك لكم كلَّ جنائنه، … وعرائشه الخاصة، وبساتينه الحديثة الغرس، … على هذا الجانب من «التيبر»، ترك ذلك لكم، … ولذراريكم إلى الأبد، رياضًا مشاعة .... تتنزهون فيه وتروِّحون عن أنفسكم … ذلك كان قيصر، فمتى يجود الزمان بمثله؟
ومتى هاجت عواطف الدهماء وسال لعابها فقد انفلتت الفتنة من عقالها، وتنحَّى العقل أو ديس تحت سنابك المغالطات: