للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترافقني ظلالي الطويلة، … وتلازمني حاشيةٌ هائلة.

توبة اللفظ

***

لكل لفظٍ من ألفاظ اللغة ضربان من المعنى أو الدلالة: المعنى الحقيقي (المباشر/ الإشاري/ المعجمي/ الأوَّلي) denotation والمعنى الضمني (الإضافي/ الإيحائي/ الثانوي) connotation، أما المعنى الحقيقي فهو المعنى الذي يُعبر عن العلاقة الموضوعية بين اللفظ والواقع الذي يشير إليه: فمعنى كلمة «زهرة» هو ذلك الجزء من النبات الذي يضطلع بإنتاج البذور، ويُعبر عن طور من أطوار نموه، ومعنى كلمة «وردي» هو لون ذو خصائص فيزيائية محددة، وأما المعنى الضمني فهو المتضمنات الانفعالية والتقويمية التي يستحضرها المعنى في الذهن والتي تعبر عن الجانب الشخصي من المعنى، وربما تختلف من شخص لآخر ومن جماعة لأخرى، فكلمة «باص» على سبيل المثال قد تستدعي في أذهان البعض انطباعاتٍ من قبيل الرخص، الازدحام، الفقر … وقد تستدعي في أذهان التلامذة معاني الراحة والمرح والزمالة، غير أن المتضمنات تكون مشتركة في أغلب الأحوال؛ وذلك لِتَشارُك الناس في كثير من الخبرات وظروف المعيشة، من ذلك أن كلمة «وسط المدينة» تستدعي في ذهن معظم الناس متضمناتٍ من قبيل: الصخب، الزحام، الإثارة، التراب، اللهو، الذنب … إلخ.

حين أقول «هذا كَذِبٌ» فإن ما أقوله هو عبارةٌ بسيطةٌ من حيث الصيغة اللغوية، غير أنها بساطةٌ خادعة: فإذا ما قمنا بتحليل لمعنى العبارة «ق كذب» وجدنا أنها تَصدُق إذا ما توافرت الشروطُ الأربعة التالية:

(١) «ق» غير صادقة.

(٢) قائل «ق» يعرف أنها غير صادقة،

(٣) القائل يقصد أن يقول «ق»،

(٤) القائل يقصد أن يجعل المستمع يعتقد «ق».

رغم أن كلًّا من هذه الشروط هو شرط «ضروري» necessary لمعنى كلمة «كَذِب» فإن الشروط الأربعة ليست «كافية» sufficient؛ ذلك أنها لا تفي إلا بالمعنى

<<  <   >  >>