للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإشاري المباشر denotation لكلمة «كَذِب»، ويظل هناك نطاق عريض لمعانٍ إضافية ضمنية connotation، فالمرء لا يمكن أن يكون جادًّا في قوله «هذا كذب» ما لم يَعمِد أيضًا إلى إهانة القائل ووصمه وتقريعه؛ ومِن ثَمَّ فكلمة «كذب» تعني أيضًا، فيما تعني، الازدراء، السخط، الإدانة، الشجب، الردع … إلخ.

تلك هي الوظيفة «الإيعازية» perlocutionary للغة، التي تحدث عنها جون أوستن J.Austin (١٩١١ - ١٩٦٠ م) رائد نظرية «أفعال الكلام» speech acts. في هذا المستوى من الأفعال الكلامية يريد القائل من قوله أن يُحدِث تأثيرات في المتلقي: إقناعًا، خشية، رهبة، ردعًا، إسخاطًا … إلخ.

وتلك أيضًا هي الوظيفة الانفعالية emotive function للغة، التي تحدث عنها أوجدن ورتشاردز، ومنذ أن أشارا إلى أهمية الوظيفة الانفعالية للغة في كتابهما «معنى المعنى» تخلَّقَ اتجاهٌ إلى شجب المصاحِبات الانفعالية المحتومة للكلمات والجزع من كثرة الظلال الإضافية للألفاظ كمصدرٍ للزلل والمغالطة، وما تَقَدَّم العلمُ تقدمًا متصلًا إلا لالتماسه لغةً محايدةً دقيقة للتواصل، وتَخلِّيه عن المتضمنات العاطفية والخيالية للألفاظ في لغته ومعادلاته، وقد أدرك المفكرون أهمية أن تحذو المناقشات السياسية والدراسات الإنسانية في ذلك حذوَ العلم، وتشيِّد نماذج لغويةً خاليةً من الضوضاء الانفعالية قدر المستطاع، ومنذ أفلاطون، في حقيقة الأمر، نهضت تياراتٌ تستنكر ميلَ البشر إلى الاستمالة العاطفية بدلًا من الإقناع العقلي، وتُحذِّر من إساءة استخدام الوظيفة الانفعالية للغة في إعاقة التفكير المنطقي والتعتيم على الحقيقة، وفي زمننا المعاصر عَلَت صيحاتٌ مدوية ضد «الألفاظ الملونة» colored words وضد «استبداد الكلمات» tyranny of words.

حين تكون اللفظةُ محمَّلةً بمتضمناتٍ انفعالية وتقويمية زائدة، بالإضافة إلى معناها المباشر، يقال لها «لفظة مُلقَمة» loaded word أو مشحونة، فالكلمة الملقمة مثل البندقية الملقمة بالذخيرة، والمعنى الانفعالي أو التقويمي هو الرصاصة، حين أستعمل لفظة «بهيمة» بدلًا من «حيوان»، ولفظة «رشوة» بدلًا من «حافز» … إلخ، فأنا عندئذٍ أستخدم ألفاظًا ملقمة تفعل فعلًا آخر غيرَ مجردِ رصد الحالة الموضوعية: إنها تحكُمُ وتقوِّم وتحرِّض وتُوعز، انظر أيضًا في هذه القائمة من الكلمات:

صارم

عنيد

واثق

متعجرف

<<  <   >  >>