ليست كل لغة مشحونة هي لغة مغالطة بالضرورة، وإلا لكان كثير من الدراسات، وكل الأدب والشعر، ركامًا من المغالطات! ونحن نريد، في حقيقة الأمر، أن نكون قادرين في بعض الأحيان أن نُسَخِّر الطاقات الانفعالية والخيالية للكلمات في خدمة الحقيقة، نريد أن نقول للقتلة الدمويين: أنتم سفاحون مجرمون، ولا نقول: أنتم حراس النظام الجديد ومبطلو الثورة المضادة! ونريد أن نقول للإرهابي: أنت أناني مشوَّش تتوهم حلًّا سحريًّا لمأزقك الوجودي وتُؤمِّن لنفسك مستقبلًا أخرويًّا على حساب غيرك. وأن نقول للمتزمتين: أنتم تغالبون ربكم، وتريدون إزالة اللون من لوحة الدنيا، وأن تجعلوا الحياة هامشًا سمجًا على متن الموت.
ما أتعسنا حقًّا لو تخلينا عن انفعالية اللغة وقصَصنا أجنحة الكلمات، وكم تَرِينُ البلادة على أحاديثنا لو أننا توخينا الحيادَ العلمي في كلِّ شيء، وبدلًا من أن نقول مع الشاعر (الشريف الرضي):