وغيره، وصنف في أخبارهم محمَّد بن قدامة الجوهري كتابا حافلًا، وقفت عليه في نسخة كتبت عنه، وتاريخها سنة أربعين ومائتين وهو أقدم خَطٍّ وقفت عليه، ولم تعتقد الخوارج قط أنّ عليا أخطأ قبل التحكيم، كما أنهم من جملة ما اعتقدوا من الاعتقادات الفاسدة: أنّ عثمان كان مصيبًا ست سنين من خلافته، ثم كفر بزعمهم أعاذه الله من ذلك.
نعم الذين كانوا يتأوّلون في قتال علي بسبب عدم اقتصاصه من قتلة عثمان، ويظنون فيه سائر ما ذكره المؤلف قبل قوله:"ويعتقدون" هم أهل الجمل وأهل صفين، وهذا ظاهر في مكاتباتهم له، ومخاطباتهم.
وأما سائر ما ذكر بعد ذلك عن الخوارج من الاعتقاد فهو كما قال، وبعض منه اعتقادهم كفر من خالفهم، واستباحة ماله ودمه ودماء أهله وولده، ولذلك كانوا يقتلون من قدروا عليه.
وأما ما ذكره من أمر ابن ملجم في تأويله فهو كما قال، وبالغ ابن حزم (١) فقال: لا خلاف بين أحد من الأئمة في أن ابن ملجم قتل عليًّا متأوِّلًا مجتهدًا مقدِّرًا أنه على الصّواب.
كذا قال! وهذا الكلام لا خلاف في بطلانه، إلا إن حمل على أنه كذلك كان عند نفسه فنعم، وإلا فلم يكن ابن ملجم قط من أهل الاجتهاد ولا كاد، وإنما كان من جملة الخوارج، وقد وصفنا سبب خروجهم على علي واعتقادهم فيه وفي غيره.