للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل علّم النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه كيف يستدركون على المُستدرِك، بإيراد الاستدراك المُحتمَل، والجواب عنه.

ففي (صحيح البخاري) عن أبي شريح (١) - رضي الله عنه -: «أنه قال لعمرو بن سعيد (٢)

- وهو يبعث البعوث إلى مكة -: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولاً قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - الغدَ من يوم الفتح، سمعتْهُ أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به. حمِدَ اللهَ وأثنى عليه، ثم قال: إن مكة حرمها اللهُ، ولم يحرمها الناسُ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضِدَ (٣) بها شجرة، فإن أحدٌ ترَخّصَ لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا: إن الله قد أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، ثم عادت حرمتُها اليوم كحرمتها بالأمس، وليُبَلِّغ الشاهدُ الغائبَ» (٤).


(١) هو: أبو شريح، خويلد بن عمرو، وقيل: عمرو بن خويلد. وقيل: كعب بن عمرو. وقيل: هانئ بن عمرو، بن صخر بن عبد العزى، الخزاعي الكعبي العدوي. أسلم قبل فتح مكة وكان يحمل أحد ألوية بني كعب بن خزاعة يوم فتح مكة. توفي سنة ٦٨ هـ.
[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٤/ ٢٩٥). و: الاستيعاب، (٤/ ١٦٨٨)].
(٢) هو: أبو أمية، عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد مناف، المدني القرشي الأموي، المعروف بالأشدق. وهمَ من زعم أن له صحبة، وإنما لأبيه رؤية، ولي إمرة المدينة لمعاوية ولابنه، استخلفه عبد الملك بن مروان على دمشق لما سار ليملك العراق، فتوثب عمرو على دمشق، وبايعوه، فلما توطدت العراق لعبد الملك، وقتل مصعب، رجع، وحاصر عمرا بدمشق، وأعطاه أمانا مؤكدا، فاغتر به عمرو، ثم بعد أيام، غدر به، وقتله سنة ٧٠ هـ.

[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (٣/ ٤٤٩). و: تهذيب الكمال، (٢٢/ ٣٥). و: تقريب التهذيب، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، (٧٣٦). و: فتح الباري، (١/ ١٩٨)].
(٣) أي: يقطع. [يُنظر: لسان العرب، (١٠/ ١٨٢)، مادة (عضد). و: النهاية في غريب الحديث والأثر، (٣/ ٢٥١). و: تاج العروس، (٨/ ٣٨٥)، مادة (عضد).].
(٤) (١/ ٣٢)، ك العلم، ب ليبلغ الشاهد الغائب قاله ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (١٠٤).

<<  <   >  >>