للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العموم في وجوب طواف الوداع لا يُخصص بغير الحائض، وعليه فالجاهل لا يُعذر بجهله، فيلزمه دم جبرًا لهذا الواجب المتروك. وعضّد قوله بفتوى إبراهيم النخعي فيمن نسي طواف الصدر أن عليه دمًا، فالجاهل كذلك.

ثم قال مُلزِمًا لهم: «قال محمد فهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ينهى عن ذلك فيما رواه فقيهكم، ومن ترك ذلك لم يكن عليه شيء في قولكم! ليس الأمر على هذا ... » لأنه جعله من النّسُك، فيكون كغيره من الواجبات في نسك الحج من تركها عليه دم، ولا فرق، والتفريق يحتاج لدليل.

النموذج الثاني: المذهب عند الحنفية جواز ولاية المرأة للقضاء إلا في الحدود والقصاص (١). قال الباجي (٢)

في ذلك: «وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ عِنْدِي عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَهْدِ النبي - صلى الله عليه وسلم - لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ قُدِّمَ لِذَلِكَ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ وَلَا بَلَدٍ مِنْ الْبِلَادِ امْرَأَةٌ، كَمَا لَمْ يُقَدَّمْ لِلْإِمَامَةِ امْرَأَةٌ، وَالله أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ» (٣).


(١) يُنظر في المسألة عند الحنفية: مختصر القدوري لأحمد بن محمد البغدادي المعروف بالقدوري مع الترجيح والتصحيح على القدوري بن قطلوبغا، (٥٥٣). و: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، أبو بكر بن مسعود الكاساني، (٧/ ٣). و: البناية، (٨/ ٥٢، وما بعدها).
(٢) هو: أبو الوليد، سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي، الأندلسي، القرطبي، الباجي، الذهبي، الإمام العلامة، الحافظ، ذو الفنون، القاضي، تفقه بالقاضي أبي الطيب الطبري، والقاضي أبي عبد الله، الصيمري، وأبي الفضل بن عمروس المالكي، والقاضي أبي جعفر السمناني المتكلم، صاحب ابن الباقلاني. وحدث عنه: أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم. أجّر نفسه ببغداد لحراسة الدروب، وكان لما رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذهب، ويعقد الوثائق، إلى أن فشا علمه، وتهيأت له الدنيا، ولمّا قدم من المشرق إلى الأندلس بعد ثلاثة عشر عاماً وجد ملوك الطوائف أحزاباً متفرقة، فمشى بينهم في الصلح، وهم يجلّونه في الظاهر، ويستثقلونه في الباطن، ويستردون نزعته، ولم يفد شيئاً فالله تعالى يجازيه عن نيته. من تواليفه: المنتقى في شرح الموطّأ، ذهب فيه مذهب الاجتهاد وإيراد الحجج. توفي سنة ٤٧٤ هـ.

[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٨/ ٥٣٥). و: نفح الطيب، (٢/ ٧٦)].
(٣) المنتقى شرح موطأ مالك، سليمان بن خلف بن سعد الباجي، (٧/ ١٣١).

<<  <   >  >>