للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحليل الاستدراك:

استدرك الباجي على المذهب عند الحنفية في تولية المرأة القضاء، حتى على التفصيل الذي عندهم. ومعتمد استدراكه عمل المسلمين المستمر من عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم توَلَّ امرأة على القضاء في بلد من البلدان، ففيه دلالة على عدم جواز ذلك، ويرى أن هذا الدليل كافٍ في رد هذا القول.

النموذج الثالث: في إحدى الطرق عند المالكية في شهادة ولد الزنا أنه ترد شهادته في الزنا وتُقبل شهادته فيما سواه (١).

غلّط ابن المنذر (٢) هذا القول، وقال: «ولو كان مكان ولد الزنا الزانية أو الزاني فتابا لوجب قبول شهادتهما، ولا يجوز أن يلزم ولد الزنا من فعل أمه شيئًا؛ لأن الله قال:


(١) في مواهب الجليل لشرح خليل: «قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي وَلَدِ الزِّنَا طَرِيقَانِ، الْمَازِرِيُّ: لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ فِي الزِّنَا وَقَبُولِهَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالزِّنَا ثُمَّ ذَكَرَ الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ وَعَزَاهَا لِابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّهُ: شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا فِي الزِّنَا وَفِي نَفْيِ الرَّجُلِ عَنْ أَبِيهِ جَارِيَةٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ حُدَّ ي شَيْءٍ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيهِ أَمْ لَا؟ وَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا مَرْدُودَةٌ انْتَهَى». [لمحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحطّاب مع التاج والإكليل لمختصر خليل لمحمد بن يوسف المواق، (٨/ ١٧٩)].
(٢) هو: أبو بكر، محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، شيخ الحرم بمكة. قال النووي: «واعتماد علماء الطوائف كلها في نقل المذاهب ومعرفتها على كتبه، وله من التحقيق في كتبه ما لا يقاربه أحد، وهو في نهاية من التمكن في معرفة صحيح الحديث وضعيفه». له: المبسوط في الفقه، والأوسط في السنن والإجماع والاختلاف، والإشراف على مذاهب أهل العلم. توفي سنة ٣١٩ هـ.
[يُنظر: تهذيب الأسماء واللغات، (١/ ٧٦٩). و: سير أعلام النبلاء، (١٤/ ٤٩٠). و: الأعلام، (٥/ ٢٩٤)].

<<  <   >  >>