للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصير القابض لها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه لوجود العلة التي علل بها المخالف (١) والله أعلم» (٢).

وذلك عند تحشيته على عبارة (وإن بطلتْ فلوسٌ (٣) فالمثلُ) (٤).

تحليل الاستدراك:

موضعه: قوله: «قلتُ: وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يكثر جدا حتى يصير القابض لها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه لوجود العلة التي علل بها المخالف».

التصوير قبل الاستدراك: تغيرت قيمة الفلوس بزيادة أو نقص، وقد اشتغلت الذمة بحقٍّ قبل التغير.

الحكم المترتب: لا خلاف عند المالكية أن عليه مثلَ ما ثبت في ذمته قبل التغير، فلا قائلَ بالقيمة.

التصوير بعد الاستدراك: تغيرت قيمة الفلوس بزيادة أو نقص، ولم يكن النقص كبيرًا جدًّا إلى حد أن صاحب الحق يقبض ما لا كبير منفعة فيه.

فإضافة هذا القيد للتصوير قيد محل الحكم، بأن الزيادة والنقص المذكوران فيه ليسا على الإطلاق لتوفّر نفس العلة في المسألة التي قبلها وهي بطلان التعامل بالفلوس.

مثال الاستدراك على مُقدّر في التصور:

النموذج الأول:

قول ابن عابدين (٥) بعد أن قرر مذهب الحنفية في مسألة التعويض حال رخص النقود وغلائها، بذكر قول الإمام وموافقة أبي يوسف له أولاً ثم رجوعه ثانيًا: «ثم اعلم


(١) لما قرّر الرهوني أن مذهب المدونة هو قضاء مثل الفلوس إن بطل التعامل بها، ذكر من خالف هذا المذهب من المالكية، وأنهم علّلوا صحة القول بالقيمة بأن المُعطي قد أعطى شيئا مُنتفعًا به، لأخْذ شيء منتفع فيه، فلا يُظلم بأن يُعطى ما لا يُنتفع به. [يُنظر: حاشية الرهوني، (٥/ ١٢٠)].
(٢) (٥/ ١٢١).
(٣) نوع من النقود المضروبة من غير الذهب والفضة قيمتها سدس درهم، وهو عند الحنفية: (٠,٥٢١ جرامًا)، وعند الجمهور: (٠,٤٩٦ جرامًا). [يُنظر: المكاييل والموازين الشرعية، علي جمعة محمد، (٢٨)].
(٤) حاشية الرهوني، (٥/ ١١٨).
(٥) هو: محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد، الشهير بابن عابدين، الدمشقي الحنفي، مفتي الديار الدمشقية، يتصل نسبه إلى سيدنا الحسين، نشأ في حجر والده، اشتغل بالعلم من الصغر، وحفظ المتون في القراءات والفقه والنحو والصرف وغيرها، تفنن وأفتى ودرس، وله تآليف عدة منها: «العقود الدرية في تنقيح لفتاوى الحامدية» و «حاشية على البحر الرائق» وأخرى على شرح المنار سماها «رد المحتار» و «شرح عقود رسم المفتي»، توفي سنة ١٢٥٢ هـ بدمشق.
[يُنظر: فيض الملك الوهاب المتعالي بأنباء أوائل القرن الثالث عشر والتوالي، عبد الستار بن عبد الوهاب البكري الهندي، (٢/ ١٣٣٨). و: الأعلام، (٦/ ٤٢)].

<<  <   >  >>