للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطبيقاته:

النموذج الأول:

رسالة الليث (١) إلى مالك، ومحصلها أن مالكًا أراد جمع الكلمة على عمل أهل المدينة وحديث أهل الحجاز لقوته، ولكن استدرك عليه الليث هذا الرأي بأن ما عليه أهل كل بلد هو حجة له وأصل (٢).

وهي رسالة مطوّلة ومما جاء فيها: «وأنه بلغك أني أفتي بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندكم، وإني يحق علي الخوف على نفسي لاعتماد من قِبَلي على ما أفتيتُهم به»، وذكر له أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتشروا في البلاد، وأفتوا فيها، واختلفوا في الفتيا، ولم يُنكر عليهم الخلفاء يومئذ: أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -، وقال: «فلا نراه يجوز للأجناد المسلمين أن يُحدثوا اليوم أمرًا لم يعمل به سلفهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم حين ذهب العلماء وبقي منهم من لا يُشبه من مضى» وذكر له مسائل عمل بها الصحابة على غير المُفتى به في المدينة (٣).


(١) هو: أبو الحارث، الليث بن سعد بن عبد الرحمن، الفهمي، مولاهم الأصبهاني الأصل المصري، الإمام الحافظ شيخ الإسلام، وعالم الديار المصرية. سمع: عطاء بن أبي رباح، وابن أبي مليكة، وابن شهاب الزهري، وقتادة، وخلقا كثيرا، حتى إنه يروي عن تلامذته، روى عنه خلق كثير، منهم ابن عجلان شيخه، وابن لهيعة، وابن وهب، وابن المبارك، والقعنبي، ويحيى بن يحيى الليثي. وكان كبير الديار المصرية وعالمها الأنبل، حتى إن نائب مصر وقاضيها من تحت أوامره، وإذا رابه من أحد منهم أمر كاتب فيه الخليفة فيعزله، وقد طلب منه المنصور أن يعمل نيابة الملك فامتنع. كان الشافعي يتأسف على فواته، وكان يقول: هو أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به، توفي سنة ١٧٥ هـ. [يُنظر: تاريخ بغداد، (١٣/ ٣). و: سير أعلام النبلاء، (٨/ ١٣٦، وما بعدها). و: تذكرة الحفاظ، (١/ ٢٢٤، وما بعدها)].
(٢) بتصرف من الفكر السامي، (٢/ ١٥٤).
(٣) يُنظر الرسالة بتمامها مع رد الإمام مالك عليها في: كتاب المعرفة والتاريخ، يعقوب بن سفيان البسوي، (١/ ٦٨٧ - ٦٩٧)

<<  <   >  >>