للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأول أحسن؛ لأن الآية نزلت بالحديبية، قد حصرهم العدو، فقال الله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} (١)، والأمن يكون من الخوف، فكان حمل الآية على الخوف الذي كانوا فيه، وعلى المعهود من هذا الاسم، حتى يقوم دليل أن المراد الأمن من المرض» (٢).

تحليل الاستدراك:

استدرك صاحب التبصرة على ابن القاسم بسبب تأويله الإحصار في الآية بالمرض، حيث أَخرج بهذا التأويل الصورة التي نزلت من أجلها الآية وهي الإحصار بعدو، مما نتج عنه عدم القول بالهدي في حالة إحصار العدو، فردّ هذا التأويل.

ثانيًا: الاستدراك على تأويل نص من السنة، وتطبيقاته.

النموذج الأول:

«يُخبر أبو صالح الزيات (٣) أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ (٤)

- رضي الله عنه - يَقُولُ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ. فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُهُ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَأَلْتُهُ،


(١) البقرة: ١٩٦
(٢) اللخمي، من أول كتاب الحج إلى نهاية كتاب الجهاد، بتحقيق توفيق الصايغ، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قسم الفقه، (١٧٩).
(٣) هو: أبو صالح، ذكوان بن عبد الله، السمان الزيات المدني، مولى أم المؤمنين جويرية الغطفانية، القدوة الحافظ الحجة، كان يجلب السمن والزيت إلى الكوفة. من كبار العلماء بالمدينة، ولد في خلافة عمر - رضي الله عنه -، وشهد يوم الدار وحصر عثمان - رضي الله عنه -، ولازم أبا هريرة - رضي الله عنه - مدة، توفي سنة ١٠١ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (٥/ ٣٦). و: تهذيب الكمال، (٨/ ٥١٣)].
(٤) هو: أبو سعيد، سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة، الخدري، الأنصاري الخزرجي الساعدي، الإمام المجاهد، مفتي المدينة، مشهور بكنيته. أول مشاهده الخندق وغزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة غزوة وكان ممن حفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنناً كثيرة وروى عنه علماً جماً وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم، توفي سنة ٧٤ هـ.

[يُنظر: أسد الغابة، (٦/ ١٥١). و: الاستيعاب، (٤/ ١٦٧١). و: سير أعلام النبلاء، (٣/ ١٦٩)].

<<  <   >  >>