للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية: «المنحرفون من أتباع الأئمة في الأصول والفروع ... انحرافهم أنواع» ذكر من هذه الأنواع مما يخص موضوعنا في قوله: «قول قاله الإمام فزيد عليه نوعًا أو قدرًا» وَ «أن يفهم من كلامه ما لم يرده، أو ينقل عنه ما لم يقله» وَ «أن يُجعل كلامه عامًّا أو مطلقًا، وليس كذلك» و «أن يكون عنه في المسألة اختلاف فيتمسكون بالقول المرجوح» و «أن لا يكون قد قال أو نقل عنه ما يزيل شبهتهم، مع كون لفظه محتملاً لها» (١).

وفي (الطرق الحكمية): «وإنما المتأخرون يتصرفون في نصوص الأئمة ويبنونها على ما لم يخطر لأصحابها ببال، ولا جرى لهم في مقال، ويتناقله بعضهم عن بعض، ثم يلزمهم من طرده لوازم لا يقول بها الأئمة، فمنهم من يطردها ويلتزم القول بها ويضيف ذلك إلى الأئمة، وهم لا يقولون به، فيروج بين الناس بجاه الأئمة، ويفتى ويحكم به، والإمام لم يقله قط بل يكون قد نص على خلافه» (٢).

وفي (إعلام الموقعين): «لا يحل له أن ينسب إليه القول ويطلق عليه أنه قوله بمجرد ما يراه في بعض الكتب التي حفظها أو طالعها من كلام المنتسبين إليه؛ فإنه قد اختلطت أقوال الأئمة وفتاويهم بأقوال المنتسبين إليهم واختياراتهم، فليس كل ما في كتبهم منصوصًا عن الأئمة، بل كثير منه يخالف نصوصهم، وكثير منه لا نص لهم فيه، وكثير منه يخرّج على فتاويهم، وكثير منه أفتوا به بلفظه أو بمعناه، فلا يحل لأحد أن يقول هذا قول فلان ومذهبه إلا أن يعلم يقينا أنه قوله ومذهبه» (٣).


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية، (٢٠/ ١٨٤ - ١٨٥).
(٢) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، (٢/ ٦٠٨).
(٣) (٢/ ٥٠١).

<<  <   >  >>