للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكّرا غدًا إليه، فإن رأيتما للقول وجهًا فقولا وإلا فاسكتا إلى أن أدخل، قال: فدخلنا إليه وهو يستاك، ويقول - وهو مغتاظ -: متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما! ومن أنت يا أحول حتى تنهى عما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر؟ ! فأومأت إلى محمد بن منصور: رجلٌ يقول في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن؟ ! فأمسكنا. وجاء يحيى فجلس وجلسنا، فقال المأمون ليحيى: مالي أراك متغيراً؟ فقال: هو غمٌّ يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام. قال: وما حدث فيه؟ قال: النداء بتحليل الزنى. قال: الزنى؟ قال: نعم، المتعة زنى. قال: ومن أين قلت هذا؟ قال: من كتاب الله وحديث رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} (١)، إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} (٢). يا أمير المؤمنين! زوجة المتعة ملك يمين؟ قال: لا. قال: فهي الزوجة التي عنى الله عز وجل ترث وتورث ويلحق بها الولد ولها شرائطها؟ قال: لا. قال: فقد صار متجاوزُ هذين من العادين. وهذا الزهري (٣)

- يا أمير المؤمنين - روى عن عبد الله (٤)


(١) المؤمنون: ١ - ٢.
(٢) المؤمنون: ٥ - ٦.
(٣) هو: أبو بكر، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، القرشي الزهري المدني نزيل الشام، أحد الفقهاء والمحدثين، والأعلام التابعين بالمدينة، رأى عشرة من الصحابة - رضي الله عنهم -، وروى عنه جماعة من الأئمة: منهم مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري، وكتب عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - إلى الآفاق: عليكم بابن شهاب، فإنكم لا تجدون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه. توفي سنة ١٢٤ هـ.

[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (٥/ ٣٢٦). و: وفيات الأعيان، (٤/ ١٧٧)].
(٤) هو: أبو هاشم، عبد الله بن محمد بن الحنفية وهو بن علي بن أبي طالب، الهاشمي العلوي المدني، الإمام، كان ثقة، قليل الحديث. توفي سنة ٩٨ هـ.
[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٥/ ٣٢٧). و: سير أعلام النبلاء، (٤/ ١٢٩)].

<<  <   >  >>