للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - ضعف التمكن في الفقه، وما يحتاجه من علوم.

جاء في رسالة البيهقي (١) إلى أبي محمد الجويني (٢):

«وقد علم الشيخ (٣) - أدام الله توفيقه - اشتغالي بالحديث واجتهادي في طلبه، ومعظم مقصودي منه في الابتداء التمييز بين ما يصح الاحتجاج به من الأخبار وبين ما لا يصح، حين رأيت المحدثين من أصحابنا يرسلونها في المسائل على ما يحضرهم من ألفاظها، من غير تمييز منهم بين صحيحها وسقيمها. ثم إذا احتج عليهم بعض مخالفيهم بحديث يشق عليهم تأويله أخذوا في تعليله بما وجدوه في كتب المتقدمين من أصحابنا تقليدًا! ولو عرفوه معرفتهم لميزوا صحيح ما يوافق أقوالهم من سقيمه، ولأمسكوا عن كثير مما يحتجون به، وإن كان يطابق آراءهم، ولاقتدوا في ترك الاحتجاج برواية الضعفاء والمجهولين بإمامهم، فشرطه فيمن يقبل خبره - عند من يعتني بمعرفته - مشهور، وهو بشرحه في كتاب (الرسالة) مسطور، وما ورد من الأخبار بضعف رواته أو انقطاع إسناده كثيرٌ، والعلم به على من جاهد فيه سهل يسير» (٤).


(١) هو: أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى، البيهقي الخسروجردي الخراساني، الحافظ الثبت الفقيه شيخ الإسلام، سمع من الحاكم أبي عبد الله الحافظ، فأكثر جدا، وتخرج به، له: السنن الكبير، والسنن والآثار، والترغيب والترهيب، ومناقب الشافعي. قال إمام الحرمين: ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي، فإن المنة له على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه. توفي سنة ٤٥٨ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٨/ ١٦٣). و: طبقات الشافعية الكبرى، (٤/ ٨)].
(٢) هو: أبو محمد، عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف، الجويني، الطائي السنبسي، شيخ الشافعية، والد إمام الحرمين، كان فقيها مدققا محققا، نحويا مفسرا، وهو صاحب وجه في المذهب، تفقه على أبي الطيب الصعلوكي وأبي بكر القفال وأبي الحسين بن بشران، وقعد للتدريس والفتوى ومجلس المناظرة وتعليم الخاص والعام. له: التبصرة في الفقه، والتذكرة، والتعليقة. توفي سنة ٤٣٨ هـ.

[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٧/ ٦١٧). و: طبقات الشافعية الكبرى، (٥/ ٧٣)].
(٣) هو المُرسَل إليه وهو أبو محمد الجويني.
(٤) رسالة الإمام أبي بكر البيهقي إلى الإمام أبي محمد الجويني تحتوي مسائل في علم الحديث وغيره برواية ولده شيخ القضاة أبي علي إسماعيل البيهقي، (٤٧).

<<  <   >  >>