للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - الوهم.

والوهم هو «الحكم بالشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً راجحًا» (١).

وفي هذا استدراك عائشة - رضي الله عنها - على ابن عمر بسبب وهمه في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في رجب مع أنه حضر عُمَرَه كلها.

ففي (صحيح البخاري): «عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ المَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ ... قَالَ (٢) لَهُ: كَمُ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: أَرْبَعًا، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. فَكَرِهْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ (٣) عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ فِي الحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ: يَا أُمَّاهُ، يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَتْ: مَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرَاتٍ، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ. قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً إِلَّا وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ» (٤).

وقال صاحب (الفكر السامي) في صور من الخلاف بين الصحابة: «ومنها اختلاف الوهم». ومثّل باختلافهم في نوع نسك النبي - صلى الله عليه وسلم - (٥).

وبعد هذا المدخل فإن تصحيح الأخطاء غرض مُصرّح به في أعمال المُستدركين الفقهاء.

في (غمز عيون البصائر): «وكثيرًا ما يطلق (٦) في محل التقييد، وهذا في التصنيف غير سديد، وكثيرًا ما يُجمل في محل التفصيل، وهذا غير لائق بأولي


(١) نثر الورود، (١/ ٧٣). ويُنظر: الكليات، (٥٢٨).
(٢) أي عروة.
(٣) «أَيْ حِسَّ مُرُورِ السِّوَاكِ عَلَى أَسْنَانِهَا». [فتح الباري، (٣/ ٦٠١)].
(٤) (٣/ ٢)، ك العمرة، ب كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (١٧٧٥، ١٧٧٦). وبنحوه عند مسلم في صحيحه: (٥٧٣)، ك الحج، ب بيان عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمانهن، رقم (٢٢٠ - ١٢٥٥).
(٥) (٢/ ٦٢).
(٦) أي ابن نجيم في كتابه (الأشباه والنظائر)، الذي (غمز عيون البصائر) شرحٌ عليه.

<<  <   >  >>