للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حله؟ ! فما وجه الخوف مع الإباحة؟ ! أو يأذن الشرع في شيء ثم يعاقب عليه؟ ! هذا قلة فهم وفقه» (١).

فخطّأ ابنُ الجوزي الحارثَ في استدلاله بما روى عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - بعد تضعيف الخبر - بمعيار الإجماع الحاكم بأن جمع المال من حِلّه مُباح، ولا يُعاقِب الشرع على مباح.

- ومن تطبيقات التعيير بالقياس:

ذكر ابن عبد البر أن سليمان بن يسار قال في الحامل تلد ولدًا ويبقى في بطنها ولد آخر: إن لزوجها الرجعة عليها. وقال عكرمة: لا رجعة له عليها؛ لأنها قد وضعت. فقال له سليمان: أيحل لها أن تتزوج؟ قال: لا. قال: خصم العبد (٢).

فاستدرك ابن يسار على عكرمة بمعيار القياس، حيث لما سلّم عكرمة بمسألة منع هذه الحامل من الزواج بسبب ما بقي في بطنها، ألزمه بالقول بذات الحكم لوجود ذات السبب في مسألة حل رجوع زوجها إليها قبل وضع الحمل الثاني.

- ومن تطبيقات التعيير بعمل أهل المدينة.

حكى المازري الاختلاف في الأذان لصلاة الصبح قبل وقتها، وأن أبا حنيفة يمنعه، وقال: «وكان صاحبه أبو يوسف يقول بقوله، فلما قدم المدينة وشاهد المؤذنين يؤذنون لصلاة الصبح قبل وقتها، رجع إلى رأي مالك» (٣).

فالمعيار الذي استدرك به أبو يوسف على ما كان عليه من رأي هو عمل أهل المدينة، قال المازري بعدها: «ومما يعتمد عليه أصحابنا (٤) في ترجيح تأويلاتهم هذه


(١) تلبيس إبليس، (١٧١ - ١٧٤).
(٢) جامع بيان العلم وفضله، (٩٧٠).
(٣) شرح التلقين، (٤٤٠).
(٤) أي السادة المالكية.

<<  <   >  >>