للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكلامهم وجهًا لم يُطّلع عليه، وما اطلعنا عليه قد بينا حاله، {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (١)، وهو ذو الفضل، و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}) (٢)» (٣).

١٤ - مراعاة المصلحة في الاستدراك باستشراف مآلاتها، سواء من ناحية الشخص المَستدرَك عليه، أو من ناحية عمله.

فقد تقتضي المصلحة عدم الاستدراك في الوقت الحالي.

من نماذج ذلك:

ما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كنت أقرئ عبد الرحمن بن عوف في خلافة عمر، فلما كان آخر حجة حجها عمر - ونحن بمنى - أتاني عبد الرحمن بن عوف في منزلي عشيًّا، فقال: لو شهدت أمير المؤمنين اليوم، أتاه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين! إني سمعت فلانا يقول: لو قد مات أمير المؤمنين قد بايعت فلانا. فقال عمر: إني لقائمٌ عشية في الناس؛ فنحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا المسلمين أمرهم. قال فقلت: يا أمير المؤمنين! إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك، وإني أخشى إن قلت فيهم اليوم مقالة أن يطيروا بها كل مطير، ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها، ولكن أمهل - يا أمير المؤمنين - حتى تقدم المدينة؛ فإنها دار السنة والهجرة، وتخلص بالمهاجرين والأنصار، فتقول ما قلت متمكنا، فيعوا مقالتك، ويضعوها على مواضعها. قال فقال: عمر أما والله - إن شاء الله - لأقومنّ به في أول مقام أقومه في المدينة ... (٤).

والشاهد فيه أن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - أشار على عمر - رضي الله عنه - بعدم الاستدراك على ما قيل في ذلك الوقت؛ لما يتواجد فيه من الناس من لا يحملونه على محمله


(١) يوسف: ٧٦.
(٢) المائدة: ٥٤. والحديد: ٢١. والجمعة: ٤.
(٣) المنهج الفقهي للإمام اللكنوي، (٢٢٧). والنقل عن اللكنوي من: تحفة النبلاء، (٣١) بواسطة نفس المرجع، ونفس الصفحة.
(٤) مصنف عبد الرزاق، (٥/ ٤٣٩)، رقم (٩٧٥٨).

<<  <   >  >>