للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإعادة في أفعال العباد، وقد عرف أن شيئًا من الأعراض وما لا يجوز عليه البقاء، لا يجوز عليه الإعادة، لا سيما أفعال العباد التي تختص بالأوقات، وما يوجد منها في وقت لا يتصور وجوده في وقت آخر. ولو جاز ذلك، فالأمر بالإعادة أمر بتحصيله بعد انعدامه، وهذا مما لا خلاف في جوازه.

فإن قيل: أليس أن الكافر منهي عن كفره الموجود، فإذا جاز النهي عن الموجود جاز الأمر بالموجود -قلنا: معنى قولنا إنه منهي عن الكفر أنه منهي عن الدوام عليه وتحصيل أمثاله، لا أنه منهي عن الموجود في الحال. إلا أنا لا ننفي عنه النهي احترازًا عن إيهام إطلاق الكفر- دل عليه أن الأمر لا يتعلق بالماضي ولا بالباقي وما لا يصح حدوثه، فكان شرط صحة الأمر جواز حدوث الفعل، وذلك يكون قبل وجوده، لا بعد وجوده.

٢٩ - باب في: الأمر بالأمر بالشيء، هل يكون أمرًا بذلك الشيء أم لا؟

ذهب بعضهم إلى أنه أمر به.

وعندنا: ليس بأمر به.

صورة ذلك قوله تعالى لنبيه عليه السلام: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} - المراد منه الطلب والأمر بالأداء، لا حقيقة الأخذ، فكان أمرًا بالأداء، وهذا ليس بأمر الأداء من الله تعالى، ولا يجب الأداء بمجرده، لكن بدلالة أخرى، وهو أن أمر النبي عليه السلام واجب الطاعة، والإذن بترك ما أمر به إخلال بغرض الرسالة، فهذا هو الموجب لفعل ما أمر به، لا ذات الأمر بالأمر. وفي الجملة: كما أن أمر زيد بضرب عمرو لا يطلب من عمرو شيئًا، فكذلك أمر زيد بأمر عمرو لا يطلب من عمرو شيئًا.

<<  <   >  >>