للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني: أن العادة فصلت بين الأمر والنهي: فإن السيد إذا قال لعبده: "لا تدخل" فهم منه الانتهاء على الدوام. ولو قال له: "ادخل" فهم منه الدخول مرة. والفقه في ذلك: هو أن حمل الأمر المطلق على التكرار والاستغراق يؤدي إلى تعطيل الأشغال كلها، لنه لا يتفرغ لغيره من الأفعال، وحمل النهي على الدوام لا يؤدي إلى ذلك، لنه يتفرغ للأشغال كلها مع الامتناع عن فعل معين على الدوام.

والثالث: أن النهي يدل على قبح المنهي عنه، والقبيح يجب الكف عنه أبدًا، أما الأمر [فـ] لا يدل على ما يوجب الإقدام عليه، على الدوام.

وأما من توقف في الحمل على التكرار- قال: إن الأمر المطلق محتمل للدوام والتكرار، بدليل أنه لو أراد به ذلك وقرن به دلالة التكرار يحمل عليه، وما احتمله اللفظ جاز أن يراد به، فيجب التوقف فيه.

ونحن نقول: لا نسلم احتماله للدوام والتكرار، بل الأمر المطلق لا يحتمل إلا الفعل مرة واحدة- على ما مرَّ. ولو قرن به دلالة التكرار، لا يكون بيانًا وتفسيرًا للفظ، بل زيادة متممة للكلام كقوله: "افعل هذا الفعل عشر مرات" أو "على الدوام" أو على ما يجري مجرى هذا الكلام، فهذه جملة مفيد للعدد والدوام، لا أنه موجب الأمر المطلق.

٢١ - باب في: أن الأمر المعلَّق بالشرط والصفة، هل يقتضي تكرار الفعل المأمور به إذا تكرر الشرط والصفة؟ :

اختلف الذاهبون إلى أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار فيه:

قال بعضهم: يقتضي تكراره عند تكرار الشرط والصفة.

<<  <   >  >>