١٤٩ - باب في: أن النبي عليه السلام- هل كان متعبداً بالقياس والاجتهاد أم لا؟
ذهب بعض المتكلمين إلى أنه لم يكن متعبداً بالاجتهاد في شيء عن الشرعيات. وحكي عن أبى يوسف رحمه الله أنه كان متعبداً به.
وحكي عن الشافعي رحمه الله انه جوز أن يكون في الأحكام الشرعية ما قال النبي عليه السلام بالاجتهاد.
والمختار من المذهب أنه يجوز أن يتعبد النبي عليه السلام بالقياس. ولكنا لا نقطع أنه كان متعبداً به أم لا.
والدلالة على جواز ذلك:
١ - أنه لا يمتنع أن تكون مصلحة النبي عليه السلام في العمل بالنص تارة وفي العمل بالاجتهاد أخرى، كما حق الأمة. وهذا لأن الاجتهاد ليس إلا العمل بالأمارة والظن، ولا يمتنع أن تكون المصلحة في العمل به في حق النبي عليه السلام- ألا ترى أنه يجب عليه العمل بالرأي والاجتهاد في المنافع الدنيوية ومضارها، فكذا في الشرعيات.
فإن قيل: اجتهاد النبي عليه السلام اختص بوجه، وهو أن ذلك تنفير عنه- وبيانه من وجهين:
أحدهما- أنه إذا علم أنه يقول برأيه ومن تلقاء نفسه، ففيه تنفير عنه.
والثاني- أنه يجوز لغيره من المجتهدين مخالفته، وهذا أبلغ في التنفير.
قلنا: المجتهد يثبت حكم الله تعالى بتنبيهه، أي تنفير [عند] تنبيه الله تعالى [إيانا] على مراده.