وإن كان المعلق به حظرًا:[فـ] لا يدل على حظر ما دونه إلا بطريق الأولى، نحو: إن حظر علينا استعمال قلتين يهما النجاسة: [فـ] لا يدل على حظر استعمال قلة واحدة إلا بطريق الأولى. ولو حظر علينا جلد الزاني مائة:[فـ] لا يدل على حظر خمسين [ولا] على إباحته، بل الأمر فيه موقوف على قيام الدليل.
[وأما الفصل الرابع: [التقييد بالاسم]]
اعلم بأن الأمر [أ] والخبر المعلق بالاسم، لا يدل على ثبوت الحكم فيما عداه، ولا انتفائه عما عداه، نحو أن يقول قائل:"زيد في الدار"- فهذا لا يدل على أن عمرًا ليس في الدار، ولا على أنه فيها.
وكذلك: لو أمر أحدهما بالقتل: لا يدل على انتفاء الوجوب عن الآخر.
وذهب بعض الناس إلى أنه يدل على انتفاء الحكم عما عداه.
واستدلوا في ذلك بأن قالوا: لو كان الحكم ثابتًا على العموم لذكره بلفظة تعم الكل. فلما ذكره باسم يخص البعض، عرفنا أن الحكم منتصف عما عداه- مثال: قوله: "زكوا عن الغنم" كان هذا دليلًا على انتفاء الزكاة عن سائر النعم، إذ لو كانت لازكاة واجبة في الغنم وسائر النعم لذكره بلفظة تعمُّ الكل.
إلا أنا نقول بأن قول القائل:"زيد آكل" لا يدل على أن عمرًا غير آكل، إذ لو دل على ذلك لما حسن الإخبار به إلا بعد علمه بأن عمرًا غير آكل، لأن بدون العلم به يكون كاذبًا في خبره. أو لا يأمن كونه كاذبًا.