والدلالة على جواز ذلك- أن الفعل الشرعي إنما يجب لكونه مصلحة. ويجوز أن يكون الفعل مصلحة إذا فعلناه ونحن على صفة وحالة مخصوصة، ولا يكون مصلحة إذا فعلناه ونحن على خلاف تلك الحالة. كما في المسافر مع المقيم، والمريض مع الصحيح، والحائض مع الطاهر. وكوننا ظانين صدق الراوي حالة من حالاتنا، فدخلت تحت جملة أحوالنا التي يجوز أن يكون الفعل مصلحة عندها.
وإذا جاز كونه مصلحة، جاز ورود الشرع بالتعبد به.
والذي يؤيد ما ذكرناه- من حيث العقل والشرع:
- أما العقل- فهو أن المسافر إذا اشتبه عليه حال الطريق، فأخبره من غلب على ظنه صدقه بسلامة الطريق، يباح له سلوك ذلك الطريق في العقل. ولو أخبره باختلاف حال الطريق، لزمه الامتناع عن سلوكه.
- وأما الشرع- فلأن الإمام يجب عليه إقامة الحد والقطع والقتل إذا شهد بالزنا أو السرقة أو القتل اثنان أو أربعة ظاهرهم العدالة. فلما جاز أن يقف ثبوت الحكم على الظن في باب الشهادة، جاز أن يقف على ذلك الظن في باب الخبر.
فإن قيل: الفرق بين الشهادة والخبر: أن في باب الشهادة الحكم يثبت عند الشهادة بدليل قاطع، والشهادة شرطه، ولا كذلك الخبر: فإنكم تجعلونه دليلا على ثبوت الحكم، لا شرطا له- والجواب: لا فرق عندنا. كما أن هناك الحكم