للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* وأما إذا تقدم دليل القبح:

قال بعضهم: إن ذلك لا يدل على زوال الحظر واستحسانه، لأن مع تقدم الحظر لا يحتاج إلى النكير على من شاهد أن يفعله. إلا أن الصحيح أن يدل على ذلك، لأن دليل الحظر يحتمل الزوال، وترك النكير دليل على الزوال من الوجه الذي ذكرنا.

فإن قيل: النهى عن المنكر إنما يجب إذا غلب على ظنه أنه يؤثر فيه. فأما إذا غلب على ظنه أن إنكاره لا يؤثر فيه، فمطلق ترك النكير لا يدل على استحسانه- قلنا: الدليل المقتضي للنهى عن المنكر مطلق، وإنكار النبي عليه السلام يؤثر لا محالة، لأنه لا يكون كإنكاره غيره، إلا إذا قام دليل معارض يمنع من ذلك. ونحن نقول: إذا دل الدليل أن عدم النكير لا يؤثر أو لعذر آخر، لا يدل ترك النكير على استحسانه.

[١٢٦ - باب في: أفعال النبي عليه السلام إذا اختلفت أو تعارضت مع أقواله]

اعلم أن التعارض بين الشيئين إنما يقع بالتضاد والتنافي ينهما، ولا تضاد ولا تنافى في نفس الأفعال، لأن التضاد بين الشيئين إنما يتصور في وقت واحد، ولا يتصور ذلك في الأفعال.

(أ) - وإذا فعل النبي عليه السلام فعلاً في وقت، وفعل ضده في وقت آخر، كنا متعبدين بمثله في ذلك الوقت، وبضده في وقت آخر، وإنما يقع التعارض بين الأفعال بغيرها، وهو أن النبي عليه السلام إذا فعل فعلاً في زمان، وعرفنا من ظاهر حاله أنه أراد إيجابه علينا، ثم رأينا النبي عليه السلام أقر بعض القوم على ضده، فإنا نعلم كونهم مخصوصين عن حكم ذلك الفعل.

<<  <   >  >>