والمعطوف يجب أن يضمر فيه جميع ما يمكن إضماره مما في المعطوف عليه، والمظهَر في المعطوف [عليه] قتل بكافر، فيجب أن يضمر كلاهما في المعطوف، فصار معنى الكلام: ولا يقتل ذو عهد بكافر، ولا يقتصر على قوله:"ولا يُقتل ذو عهد" لأن المظهَر في المعطوف [عليه] ليس مطلق القتل بل قتل المؤمن بالكافر، ومعلوم أن ذا العهد يقتل بالكافر الذميِّ، ولا يقتل بالكافر الحربي، فكذلك المضمر في المعطوف: يجب أن يكون مخصوصًا بالكافر الحربي، لأن المضمر في المعطوف ما هو المظهَر في المعطوف عليه، فلو جعلنا الكافر في المعطوف عليه عامًّا وفي المعطوف خاصًّا لم نكن قد أشركنا المعطوف والمعطوف عليه في الحكم.
إذا ثبت هذا نقول: لما كان الكافر في المعطوف مخصوصًا بالحربي، فكذلك في المعطوف عليه: هذا هو تقرير هذا المذهب- إلا أنَّا نقول بأن المعطوف في هذا الحديث تقيد بزيادة وهو قوله:"ولا ذو عهد في عهده" أي لأجل عهده، وما دام تمسكًا بعهده، وقد ذكرنا أن في مثل هذا الموضع لا يضمر فيه جميع ما يمكن إضماره فيه، فلو وجب الإضمار كان الأولى فيه الوقف، كما اختران من المذهب [القول] بالوقف- والله أعلم.
[٥٩ - باب في: أن ذكر بعض ما شمله العام هل يوجب تخصيص العام أم لا؟]
اعلم أن الخبر العام إذا ورد واقتضى تعليق الحكم بأشياء، ثم ورد خبر خاص يقتضي تعليق الحكم ببعض تلك الأشياء- لا يدل ذلك على أن ما عداه خارج عن حكم العام.