وأما من فرق بين العلة المنصوصة والمستنبطة، قال: لا فائدة في استخراج العلة واستنباطها إلا تسويغ القياس والتعدية. فأما المنصوص ففائدتها تعلق الحكم بها في الأصل، فلا يلزم التعدية فيها.
والجواب: كما لابد في المسنبطة من فائدة سوى الاستنباط، لابد في المنصوصة من فائدة سوى النص عليها، لأن ثبوت حكم النص لا يستفاد من العلة، لما مر، فبطل الفرق.
وأما شرطنا التعدية من غير زيادة ولا نقصان في الحكم، [فـ] لأنه لو زاد أو نقص، صار الفرع مخالفاً للأصل.
وأما الرابع- فلأنه [إ] لم يبق الحكم في الأصل بعد المقايسة، أو تغير عما كان عليه، كان فيه إبطال النص أو تغييره بالقياس، الذي هو دونه، وهذا لا يجوز.
[١٥٣ - باب: الطريق إلى معرفة العلل الشرعية، وبيان أقسامه]
اعلم أن الطريق معرفة العلل الشرعية هو الشرع. لأن أحكام الشرع وكيفية ثبوتها بحسب العلل، لا يحصل إلا بالشرع.
ثم الطرق الشرعية في نفسها إما لفظ أو استنباط. و [إذا] كانت الطرق الشرعية إما لفظاً أو استنباطاً- فنبين كل واحد منها.
أما اللفظ- فنقول:
الألفاظ الدالة على صحة العلة إما صريحة، أو منبهة.
(أ) - فالصريحة- إما أن يكون لفظها لفظ العلة، أو ما يقوم مقام لفظ العلة.