وأما الاستدلال بالنهي- قلنا: النهي لا يقتضي كراهة المنهي عنه ابتداء، بل يقتضي طلب الانتهاء والمنع من الفعل، كما في الأمر على ضده. ثم الكراهة لو ثبتت، ثبتت تبعًا له- فكذا الإرادة في الأمر.
وأما قولهم: إن هذه الصيغة وضعت للإباحة- قلنا: ليس كذلك، بل قضية الدليل حمله على الوجوب على ما مرَّ.
وقولهم: إن الأمر يدل على حسن المأمور به- قلنا: بلى، ولكن لا ينفي حمله على الوجوب، وقد دللنا عليه. والاستدلال بالنهي باطل، على ما مرَّ.
والله أعلم.
١٥ - باب في: أن الأمر الوارد بعد حظر سمعي أو عقلي ما الذي يفيده؟ :
ذهب أصحابنا وأكثر الناس إلى أن الأمر الوارد بعد حظر سمعي أو عقلي يفيد ما كان يفيده، لو لم يتقدمه الحظر، من وجوب.
وذهب بعض الناس إلى أنه يفيد الإباحة إذا ورد بعد حظر سمعي.
فالحظر العقلي ما دلَّ العقل على حظره ظاهرًا أو غلَّب الظن حظره، لا ما هو محظور بالعقل قطعًا، كالكفر والكذب والظلم: فإنه لا يجوز ورود الأمر به.
واستدلوا على ذلك بأن قالوا بأن الأمة أجمعت على حمل قوله تعالى: