"لا تفعل"؟ . وجوابنا أنه ليس فيه ذلك، وهذا معلوم بطريق الحس.
والآخر- أن يقال: بأن الأمر بالشيء هل يقتضي تحريم ضده والمنع عنه؟ وجوابنا أنه يقتضي ذلك، لما ذكرنا أن الأمر طلب الفعل ومنع من الإخلال به، وكل فعل يوجب الإخلال بالمأمور به يكون ممنوعًا عنه بقضية الأمر، لأنه لو لم يكن كذلك لجاز الإقدام عليه، وفي جواز الإقدام عليه إباحة الإخلال بالواجب، وذا لا يجوز.
ومن نفى الوجوب عن الأمر، لا يمكنه أن يجعل الأمر بالشيء نهيًا عن ضده، لأنه: إن حمله على الندب لا يمكنه ذلك، لأنه لو اقتضى ذلك لكنا منهيين عن البيع وسائر الأفعال المباحة، لما أن أضدادها مأمور بها ندبًا. وإن حملها إرادة المأمور به لا يمكنه أن يجعلها نهيًا عن ضده أيضًا، لأن إرادة الشيء لا تقتضي نهيًا عن ضده. ألا ترى أن النوافل مرادة وأضدادها ليست بمنهية.
وأما النهي عن الشيء هل هو أمر بضده؟
فجوابنا: أن النهي عن الشيء يقتضي إيجاب ما لا يصح الإخلال بالمنهي عنه إلا به، لما ذكرنا- فبعد ذلك: إن كان له ضد واحد، بحيث لا يمكن الانصراف عنه إلا إليه، يجب عليه ذلك بعينه. وإن كان له أضداد، بحيث لا يمكنه الانصراف عنه إلا إلى أحدهما، يجب عليه الكل على البدل- على ما مرَّ.
٢٠ - باب في: أن الأمر المطلَق، هل يقتضي تكرار الفعل المأمور به أم لا؟ :
ذهب أصحابنا ومعظم المتكلمين إلى أنه لا يقتضي التكرار، بل يقتضي فعل المأمور به فقط، وهو الفعل الذي تناول الأمر، مرة واحدة.
وذهب معظم أصحاب الشافعي رحمه الله إلى أنه يقتضي التكرار.