أما الاختلاف في الاسم-[فـ] بأن يقال: إن الأمر بالشيء هل يسمى نهيًا عن ضده؟
وجوابنا: أنه لا يسمى بذلك، لأن أهل اللغة فصلوا بين الأمر والنهي في الاسم، وفرقوا بين قول القائل "افعل" وبين قوله "لا تفعل"، فسموا أحدهما "أمرًا" والآخر "نهيًا".
فإن قيل: الأمر ليس بأمر لذات الصيغة، ولا النهي نهيًا لذات الصيغة، بل الأمر أمر لإرادة كونه أمرًا ولكونه طلبًا واستدعاء للفعل. والنهي نهي لإرادة كونه نهيًا ولكونه طلبًا واستدعاء للانتهاء. ولا يمتنع أن يراد بالصيغة الواحدة أن يكون أمرًا بشيء ونهيًا عن ضده، ولا أن يكون دلالة على طلب شيء أو على طلب الانتهاء عن ضده، فتكون الصيغة الواحدة أمرًا بالشيء حقيقة ونهيًا عن ضده حقيقة- قلنا:
- أما كون الأمر أمرًا لإرادة كونه أمرًا، وكون النهي نهيًا لإرادة كونه نهيًا، فقد أبطلناه من قبل.
- وأما كونه أمرًا لكونه طلبًا واستدعاء للفعل، وكونه نهيًا لكونه طلبًا واستدعاء للانتهاء، فلعمري هو كذلك، لكن بشرط أن يكون طلبًا للفعل بذاته لا بواسطة، وطلبًا للانتهاء بذاته لا بواسطة، كقوله "افعل" و"لا تفعل". وقوله "افعل" طلب للانتهاء عن ضده، بواسطة طلب الفعل. وقوله "لا تفعل" طلب لضد المنهي عنه، بواسطة طلب الانتهاء عنه، وعدم انفكاك المكلَّ عن أحدهما إلى الآخر، فإذن لا يتصور كون الصيغة الواحدة أمرًا ونهيًا حقيقة.
وأما الاختلاف في المعنى فمن وجهين:
أحدهما- أن يقال: هل في الأمر بالشيء صيغة النهي عن ضده، وهو قوله