للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجواب: أن كونها مهبط الوحي لم يدل على أن إجماعهم وحدهم حجة.

وأما الحديث- فظاهره متروك، لأن ظاهر الحديث يقتضي أن يكون الخروج منها مذموماً، وليس كذلك بالإجماع، فإن من كبار الصحابة رضي الله عنهم من فارق المدينة ورجع إلى وطنه. ولئن لم يكن متروك الظاهر، فليس فيه ما يدل على إن إجماعهم وحدهم حجة. وأما روايتهم- فعندنا لا فرق بين ما إذا روي الواحد وهو بالمدينة، وبين ما إذا رواه وهو خارج المدينة، لأنه لا تأثير للمكان، في جعل الأقوال حجة, والله أعلم.

[١٣٤ - باب في: ما يكون فيه الإجماع حجة]

أعلم أن كل ما لا يمكن معرفة صحة الإجماع قبل صحة معرفته- فالإجماع فيه لا يكون حجة. نحو العلم بأن الله تعالى حكيم عادل، وأن محمداً عليه السلام صادق- لأنا أنما نعرف صحة الإجماع بعد أن نعرف أن الله تعالى ورسوله شهدا بأنه حق، والله تعالى ورسوله لا يشهدان بشيء إلا وهو كما شهدا به. وإنما يعرف ذلك بعد أن عرف أن الله تعالى حكيم لا يكذب، وأن محمداً عليه السلام صادق، وأن القرآن كلام الله تعالى- ليعلم أن ما فيها من الآيات الدالة على كون الإجماع حجة، من الله تعالى. فإذا لم يعرف صحة الإجماع قبل معرفة صحته، لا يكون الإجماع حجة فيه، لأن من شرط الدليل أن يعرفه المستدل على الوجه الذي يدل، قبل معرفته المدلول.

<<  <   >  >>