فإن قال: الظاهر أن الصحابي لا يطلق القول بأن النبي عليه السلام قال ذلك إلا وقد سمعه منه، قلنا: هذا قبول المسند دون المرسل. على أنه يمكن للصحابي أن يقول:"بلغني أن النبي عليه السلام قال ذلك- أو سمعت أن النبي عليه السلام قال كذا"، وهذا اللفظ لا يدل على أنه قد سمعه من النبي عليه السلام.
[١٠٩ - باب في: التدليس]
اعلم أن التدليس هو أن يروى عن رجل له اسم يعرف به ولا يذكره بذلك الاسم، بل باسم لا يعرف به. أو يذكر راوياً ويترك راوياً بينه وبين ذلك الراوي. وهذا:
- إن فعله لضعف الراوي ولكونه ممن لا تقبل روايته، فقد غش الناس وخانهم، وذلك يقدح في أمانته، فلا تقبل روايته.
- وإن فعل ذلك لصغر منه، ولغير ذلك من الوجوه:
* فمن لا يقبل المراسيل- لا يقبل هذا الحديث، لأنه لا يتمكن من الفحص عن عدالته مع جهالة عينه، كما لا يتمكن من ذلك مع الإرسال.
* ومن قبل المراسيل- يقبل هذا الحديث، لأن إرساله مع عدالته يدل على أنه ما ترك ذكر اسمه المعروف ومنع من الفحص عن عدالته إلا لاعتماده على عدالته وثقته في ذلك، فجرى ذلك مجرى تعديله صريحاً.