تعميم الكفارة بمطلق الفطر، سواء علم النبي عليه السلام بما وقع به الفطر أو لم يعلم، لأنه لو لم يكن مقتضيًا تعميم الكفارة بمطلق الفطر، لم يكن جوابًا لسؤاله، ولأنه لو أجاب على ما علم، لبين، كي لا يظن السامع أن الكفارة تلحق مطلق الفطر- والله أعلم.
وأما الفصل الرابع
وهو الكلام في إثبات العموم في اللغة
ذهب بعض الناس إلى أنه ليس في اللغة لفظ موضوع للاستغراق وحده، بل له ولما دونه، وزعموا أن لفظ "كل" و"جميع" موضوع للاستغراق ولما دونه من الجموع.
وذهب بعضهم إلى أنه ليس في اللغة لفظ موضوع للاستغراق أصلًا، وإنما يصير عامًّا بقصد المتكلم، وزعموا أن الألفاظ التي نقول إنها عامة موضوعة للخصوص، مجاز في العموم.
وذهب معظم المتكلمين إلى أن للاستغراق لفظة موضوعة، وأنها حقيقة في العموم مجاز في غيره- وهو المذهب المختار.
والدلالة على ذلك أن الاستغراق معنى ظاهر عند أهل اللغة، والحاجة تمس إلى العبارة عنه، ليفهم السامع مراد المتكلم، وجرى هذا في الظهور وشدة الحاجة إلى العبارة مجرى "السماء" و"الأرض" في ظهورهما، وشدة الحاجة إلى العبارة عنهما. فكما لا يجوز أن تتوالى الأعصار على أهل اللغة مع هذا الداعي