[٩٦ - باب في: وقوع العلم بالتواتر. وبيان صفة العلم الواقع بالتواتر]
اعلم أن خبر الله تعالى وخبر رسوله وخبر الأمة أن يكون موجباً للعمل. لأن حكمة الله تعالى تقتضي صدقه في خبره، وصدق خبر من ظهرت المعجزة على يديه، وصدق من شهد له بالعدالة.
(أ) - واختلفوا في وقوع العلم بالتواتر:
حكى عن قوم - أنهم منعوا من وقوع العلم إلا بالحواس الخمس، دون الإخبار.
وهذا باطل. لأنا نجد أنفسنا معتقدة من وجود مصر وخراسان ساكنة، [وما] إليها، لتواتر الخبر عليها، وجرى ذلك مجرى وقوع العلم بالمشاهدة. ومن منع ذلك فقد دفع ما يجده من نفسه، فلا وجه لمكالمته.
فإن قيل: العلم يقع بتكرار الخبر على السمع - فوجب أن يقع بأول المرة، كما في المدركات - قلنا: من قال إن العلم الواقع بالمتواتر مكتسب، شرط التواتر في كونه سبباً. ومن قال: إنه ضروري - قال: إن الله تعالى أجرى إيقاع العلم عند التواتر. على أن ما ذكروه يجرى مجرى الشبهة، والعلم الحاصل قطعاً لا ينتفي بالشبة، كالعلم الحاصل بالمشاهدة.