اعلم أن الخبر المرسل- ما أضرب الراوي عن ذكر من سمعه منه، وقال: قال رسول الله.
واختلفوا في قبوله إذا فعل ذلك من يقبل روايته مسنداً.
ذهب أبو حنيفة ومالك رحمهما الله وعامة من المتكلمين إلى أنه يقبل على كل حال.
وذهب أصحاب الظاهر وأهل الحديث إلى أنه لا يقبل على كل حال.
وذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه لا يقبل إلا بشرط، وهو أن يكون قد أسند [هـ] غيره، أو هو مرة أخرى، أو عمل به الصحابة أو أكثر أهل العلم.
وذهب عيسي بن أبان إلى أنه لا يقبل إلا إذا كان المرسل صحابيا أو تابعياً. وحكي ذلك عن الشافعي رحمه الله.
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه أن إرسال الراوي الحديث مع عدالته جار مجرى أن يذكر الراوي ويقول:"هو عدل عندي" في الدلالة على العدالة. ولو ذكر الراوي وقال ذلك، يجب قبوله والعمل به- فكذا هذا.
وإنما قلنا: إن إرساله مع العدالة جار مجرى ما ذكرنا، لأن الإنسان مع عدالته لا يستجيز من نفسه أن يخبر عن النبي عليه السلام، وفيه إلزام الناس عبادة أو اطراح عبادة، إلا إذا علم ذلك أو ظن ثبوته، لأنه حرام وقبيح.