للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه جاز أن يقال: هذا الأمر لا يقتضي إيجاب فعل آخر، ولكنه لا ينفيه أيضًا، ومعنى الإجزاء نفي غيره والاكتفاء به في سقوط التعبد.

وأما قوله بأن الأمر لا ينبئ عن الإجزاء، وحكمه لا يدل عليه- قلنا: في الأمر وجه يدل على الإجزاء على ما مرَّ، وهو حسن المأمور به، فإن الأمر يدل عليه، وإن لم يكن منبئًا عنه.

وأما الماضي في الحَجة الفاسدة، فمأمور بالحَجة الصحيحة، ولم يفعل ذلك، فبقي الأمر عليه، غير أنه أُمر بالمضي في هذا الحج، بأمر آخر، وقد امتثل ذلك، فيسقط به الأمر. وكذا الظانُّ على الطهارة: مأمور بأداء الصلاة على الطهارة، ولم يمتثل ذلك الأمر، فبقي عليه، غير أنه مأمور بالصلاة مع هذا الظن بأمر آخر، وقد امتثله، فيسقط الأمر- أما ههنا [فـ] بخلافه- والله أعلم.

١٨ - باب في: أن الأمر بالشيء، هل هو أمر بما لا يتم الواجب إلا به؟ :

اعلم أن ما لا يتم المأمور إلا به ضربان:

أحدهما- ما لا يمكن تحصيله، نحو القدرة والآلات.

والآخر- ما يمكن للمكلَّف تحصيله.

فالأول- لا يرد الأمر به إلا مقيدًا بشرط حصوله، لأنه لو ورد الأمر بدونه لا يخلو: إما أن يقتضي إيجاب الفعل في كل حالة ويقتضي تحصيل القدرة والآلة، وهذا تكليف ما ليس في الوسع، أو يقتضي إيجاب الفعل في كل حال مع فقد القدرة والآلة، وهذا أيضًا تكليف ما ليس في الوسع.

وأما الآخر- فضربان:

أحدهما- أن يرد الأمر مقيدًا بشرط حصول ما يفتقر الفعل إليه، نحو أن يقول له: "اصعد السطح إن كان السلم منصوبًا" فهذا يقتضي إيجاب صعود

<<  <   >  >>